Wednesday, April 23, 2025

البابا فرنسيس رسول السلام والعدالة الاجتماعية. بقلم سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه

البابا فرنسيس رسول السلام والعدالة الاجتماعية

بقلم سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا

أن يغادرنا البابا فرنسيس إلى بيت الآب السماوي في صباح نهار الاثنين من عيد الفصح المبارك ليس من الصدفة، بل إنه حدث يحمل مدلولاته ومعانيه. ففي رحيله كل معاني الرجاء المسيحي المرتكز على قيامة الرب المسيح وهو الذي حمل مشعل البشارة بالمسيح القائم من الموت والمنتصر على الخطيئة والشر. وخلال 12 سنة من حبريَّته على رأس الكنيسة الكاثوليكية كخليفة للقديس بطرس، عاش إيمانه البطرسي بثبات وتواضع عميقيْن استوحاهما من معلّمه الالهي. وقد أحب الكنيسة وأولادها بطريقة جليّة انعكست في حبريته التي تميَّزت بأمور كثيرة أريد أن أتوقف عند خمسة منها:


1. العدالة الاجتماعية التي عمل من أجلها وأظهرها في محبته للفقراء والاهتمام بهم ضمن روحية الانجيل وخاصة المهاجرين واللاجئين والذينيعيشون على هامش المجتمع وأطراف المدن. وقد عبَّر عن أهمية هذاالموضوع في الرسالة الحبرية الأولى التي أصدرها سنة 2013 "فرح الانجيل".

 

2. العائلة كانت من أولى اهتمامات البابا فرنسيس وقد كرَّس لها سينودوسًا خاصًّا بها في روما عُقد على مرحلتين خلال العامين 2014 و 2015 ركَّز خلالهما على دعوة العائلة ورسالتها الأساسية في الكنيسة والمجتمع المعاصر. 

 

3. الاهتمام بالبيئة على مثال شفيعه القديس فرنسيس الأسيزي، وقد أصدر سنة 2015 رسالته الشهيرة في هذا الخصوص "كن مسبّحًا"، تكلَّم فيها عن بيتنا المشترك وعن العناية بالخلق والمخلوقات على تنوعها وبالتالي دعوته لكل البشرية أن تسمع صرخة الأرض للاهتمام بالطبيعة وعدم التعدي عليها.

 

4. الانفتاح والحوار بين الأديان، وقد حرص البابا فرنسيس على الانفتاح على موضوع التغيُّر الاجتماعي وأولى الحوار بين الأديان أهمية خاصة. من هنا كان اللقاء التاريخي سنة 2019 مع الإمام الأكبر ومفتي الأزهر الشيخ أحمد الطيّب وقد وقّعا معًا وثيقة الأخوَّة الإنسانية التي تُعتبر نقطة انطلاق جديدة للسلام وللحوار بين المسيحية والإسلام.

 

5. الكنيسة السينودوسيّة، التي أطلقها البابا فرنسيس في سنة 2022 كعنوان للسينودس الخاص الذي اختتم أعماله في تشرين الاول سنة 2024. وقد دعى البابا من خلاله المؤمنين والإكليروس في الكنيسة للسير معًا كحجَّاج الرجاء، في مسيرة تعتمد على الإصغاء بدرجة أولى وتدعو إلى التوبة والتغيير على الصعيد الروحي والعلائقي والإداري والرسولي-التبشيري، من أجل شهادة مسيحية أفضل في عالمنا المعاصر. 

 

ولا بدَّ من التوقف عند زيارة البابا فرنسيس إلى المنطقة في أيلول من السنة الماضية 2024 والتي شملت بابوا نيو غيني وتيمور-لاسته وسنغفورة. وقد أراد أن تكون زيارته لمناطق تعاني من الفقر والحرمان باعثة رجاء وسلاملشعوبها، وهو ما اتَّصفت به أيضًا زيارته إلى العراق في سنة 2021.

 

في الختام، وبعد إعلان وفاة البابا، تدخل الكنيسة في فترة حداد لمدة تسعة أيام حيث تنكَّس الأعلام الفاتيكانية وتقام الصلوات والقداسات لراحة نفسه في كل الكنائس الكاثوليكية في العالم. وبعد رتبة الجنّاز الكنسي، التي تقام في ساحة بازليك القديس بطرس في روما، يُدفن البابا قرب ضريح القديس بطرس في سراديب البازليك إلى جانب أسلافه من الأحبار. وفي مهلة لا تتخطى العشرين يومًا بعد الدفن، يلتئم المجمع البابوي حيث يقوم الكاردلة بانتخاب بابا جديد للكنيسة. أعطنا يا رب بابوات قديسين ليرعوا شعبك بالبر والقداسة.

Monday, April 14, 2025

احتفالات أحد الشعانين تميّزت هذه السنة بمشاركة أربع كنائس مشرقية في دير القديس شربل - بانشبول

احتفالات أحد الشعانين تميّزت هذه السنة بمشاركة أربع كنائس مشرقية في بانشبول

المطران طربيه يصلي مع المؤمنين متوسلاً من أجل توحيد عيد الفصح، كما يدعو في الذكرى الخمسين لبدء الحرب الأهلية في لبنان إلى المصالحة الوطنية على أسس الحياد الإيجابيّ

سيدني، 13 نيسان/أبريل 2025 – ترأس راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا، سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، القداس الإحتفالي في أحد الشعانين يوم الأحد في 13 نيسان/أبريل في كنيسة مار شربل في بانشبول حيث عاونه في القداس رئيس دير مار شربل الأب أسعد لحود ولفيف من الكهنة، بمشاركة الآلاف من المؤمنين.

وفي عظته تحدّث سيادة المطران طربيه عن معنى عيد الشعانين وقال،" إن عيد الشعانين هو عيد العائلة مع أطفالها حول الرب يسوع. يسوع يدخل أورشليم، حيث استقبله الأطفال والجماهير هاتفين: "هوشعنا"، إنّها لفظة عبريّة معناها: "هلمّ يا ربّ وساعدنا". وهي مأخوذة من المزمور 118: 25 القائل: "امنح الخلاص يا ربّ! امنح النصر يا ربّ، امنح". من لفظة هوشعنا إشتقّت كلمة "الشعانين". الأطفال استقبلوا يسوع وأنشدوا بعفويّة نبويّة ملوكيّة يسوع. فحملوا أغصان النخل المخصّصة لاستقبال الملوك، وأغصان الزيتون للدلالة أن يسوع هو ملك السلام. واليوم عندما يحمل اطفالنا الشعانين او أغصان النخل والزيتون يؤكدون على ملوكية يسوع ويقولون نعم له ولمحبته الخلاصيّة."

وأضاف،" أمّا ملوكية يسوع فهي ملوكيّة روحيّة، ملوكيّة الحبّ حتى التفاني في بذل الذات، ملوكيّة التواضع والسلام، ملوكيّة تنتزع الخوف من القلوب، وتزرع فيها الطمأنينة والرجاء والفرح. في هذه الملوكيّة أشركنا بمسحة الميرون، ورسم لنا فيها رسالتنا، رسالة الكنيسة، التي نلتزم بتحقيقها في كلّ مجتمع نعيش فيه."

ورأى سيادة المطران طربيه أن ما يميّز عيد الشعانين هذا العام أمرين، "الأول هو الاحتفال بهذا العيد مع أخوتنا في الكنائس الارثوذكسيّة، كما هو جميل اننا وبفرح كبير سنحتفل معا بعيد الفصح في الاسبوع القادم. لكن هذه الفرحة على أهميتها ومعانيها للمسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس تبقى ناقصة، لانها نتيجة الصدفة او تلاقي التقويم الشرقي والغربي. لذلك نصلي اليوم  معا، ونرفع توسلاتنا ودعاءنا لقداسة البابا فرنسيس وللبطاركة الارثوذكس والكاثوليك، كفانا انقسامات وشرذمة، كفانا تباعد وتكبّر، كفانا شهادة ناقصة لمحبة المسيح ووحدة كنيسته، لقد تعب المسيحيون من هذه الحالة، لذا نرجوكم ونتوسل اليكم، وحّدوا لنا لنا عيد الفصح، نريد ان نحتفل معا بهذا العيد الكبير، عيد قيامة ربنا وإلهنا من بين الأموات، كراعية واحدة لراع واحد."  

"الأمر الثاني الذي يجب ان نتوقف عنده اليوم هو ذكرى 13 نيسان سَنةِ 1975. فبعد مرور خمسين سنة على بداية الحرب، تَكرَّرَت العِبارة: "تِنذَكَر وما تِنعاد" ، إلان الحرب شكلت مَحطّة سوداء بشعة في تاريخِ لُبنان، مطبوعة في الذّاكرة الجَماعيّة والفردية عِندَ اللُّبنانيّين مُقيمين ومُنتشرين.

"لكِنَّ هذا التعبير لا يكفي لأن المطلوب وضع رؤية جديدة للوطن تمنع تكرار المأساة، وتنشأ الأجيال الجديدة على مفهوم الوطن والمواطنة. لَقَد آنَ الأَوانُ لِأَخذِ العِبَرِ مِمّا حَصَل، وتَعلُّمِ الدروسِ مِن أَخطاء الماضي، ووضع مَشروع مشترك لِتَنقِيَة الذّاكرة الوَطنيّةِ، يَكون مَدخَلًا لِمُصالَحَة حَقيقيّةبَينَ اللُّبنانيّين."

وأضاف المطران طربيه أن هٰذِهِ المُصالَحَةُ لَن تَتَحَقَّقَ إِلّا مِن خِلالِ رُؤيةٍ جَديدةٍ تعتمد على ثلاثة أمور، "أولاً، أَولويّةِ الانتماءِ لِلُبنانَ وَطنًا نِهائيًّا لِجَميعِ أَبنائِهِ وبناته، وَقَبولِ الآخَرِ المُختَلِفِ واحترامِهِ في مُعتَقَداتِهِ وحَياتِهِ. ثانياً، اعتماد الحِيادِ الإيجابيّ الفاعِل، كَما طَرَحَهُ غِبطَةُ أَبينا البَطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كطريق لانقاذ وحدة لبنان ورسالته ، وكمشروع يحمي التعددية، وكضامنة لكي يبقى لبنان واحة سلام وكيان لقاء لجميع ابنائه مقيمين ومغتربين. وثالثاً، تكريمِ الشُّهَداءِ الَّذينَ قَدَّموا حَياتَهم لِيَبقى الوَطَن، كَما تَقتَضي القِيامَ بِمَسحٍ شامِلٍ لِضَحايا الحَربِ اللُّبنانيّةِ."

وختم سيادة المطران طربيه العظة بالدعوة إلى المصالحة،" لأنها تقود الى بِناءَ الثقة المفقودة بين اللبنانيين ، وتساهم في إعادة الثقة الدولية بلبنان وتفتح الباب امام عودة المنتشرين وبالتالي الاستثمارات الى لبنان. إنها المدخل لبناء مُجتَمَعٍ يَرفُضُ لُغةَ العُنفِ والحَربِ، ويُؤمِنُ بِأَنَّ "عَمليّةَ السَّلامِ هِيَ التِزامٌ يَدومُ ولا يَتَغَيَّر."

وعقب القداس الاحتفالي توجّه المؤمنون من أربع كنائس محلية في مسيرة مميزة جسدت روح الوحدة والإيمان الى باحة معهد مار شربل حاملين أغصان الزيتون والنخل وهم يرددون أناشيد روحية تعبيرًا عن فرحهم باللقاء وصلاتهم من أجل السلام. وشارك في المسيرة كنيسة القديسة دميانة والقديس أثناسيوس القبطية الأرثوذكسية، وكنيسة القديس نيقولاوس الأنطاكية الأرثوذكسية، وكنيسة القديس يوحنا الحبيب الملكية الكاثوليكية، وكنيسة القديس شربل المارونية، في مشهد مؤثر يعكس وحدة المسيحيين ورغبتهم بتوحيد عيد الفصح. وألقى رئيس الدير وكاهن الرعية الأب الدكتور أسعد لحود كلمة رحّب فيها بالحضور وبالكنائس المشاركة، مشيراً إلى أهمية الوحدة بين الكنائس والحاجة إليها اليوم أكثر من اي وقت مضى. وشهدت المسيرة حضورًا كثيفًا من العائلات، الأطفال، والشباب الذين شاركوا بروح إيمانية مفعمة بالفرح والتآخي، ما يعكس أهمية هذه المبادرات في تعزيز الروابط بين أبناء الكنائس المختلفة.

واختُممت مسيرة الشعانين من مختلف الكنائس بصلوات وببركة مشتركة للمؤمنين من راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا، سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، وراعي أبرشية الروم الملكيين الكاثوليكفي أستراليا ونيوزيلندا وكل أوقيانيا، سيادة المطران روبير رباط، وأسقف سيدني وتوابعها للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا دانيال والاب جان قرعون ممثلاً المتروبوليت باسيليوس قدسيه. وبعد انتهاء الاحتفالات لبّى الجميع دعوة رئيس دير مار شربل، الأب أسعد لحود، للمشاركة بمائدة المحبة.

يمكنكم مشاهدة فيديو خاص لموقع لبنان في استراليا على هذا الرابط:

https://www.facebook.com/share/v/1E9hbDLfVh/?mibextid=wwXIfr

Friday, April 4, 2025

مجلس تلاقي الأديان يؤكد على الوحدة والمصالحة في احتفال عيد البشارة  تزامناً مع الذكرى الخمسين للحرب الأهليّة اللبنانية

مجلس تلاقي الأديان يؤكد على الوحدة والمصالحة في احتفال عيد البشارة  تزامناً مع الذكرى الخمسين للحرب الأهليّة اللبنانية

المطران طربيه: آن الأوان ليس فقط لنزع السلاح غير الشرعيّ بل أيضاً لنزع سلاح الأحقاد والانقسام من القلوب للنهوض بالوطن تعزيزاً للمصالحة وتكريماً للشهداء  

الشيخ الرفاعي: آن لنا أن نستخلص الدروس وندرك أن لا سبيل إلى العيش الكريم إلا عبر جهاد بناء الوطن

المطران رباط: فلنتحوّل إلى الشهادة التي نتخلّى فيها عن كل شيء من أجل حياة قائمة على الدعم المتبادل والانسجام 

سيدني، أستراليا – 4 أبريل 2025 - في أجواء من الوحدة والتآخي، أقام مجلس تلاقي الأديان احتفاله السنويّ لعيد البشارة، الذي استضافه راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا، صاحب السيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، في بيت الأبرشية المارونية في ستراثفيلد،سيدني، يوم الخميس في 3 نيسان/أبريل 2025 بحضور قادة روحيين من المسيحيين والمسلمين والدروز والعلويين.

وحمل هذا اللقاء أهمية خاصة حيث يصادف والذكرى الخمسين لبداية الحرب الأهلية اللبنانية، حيث تخلل اللقاء كلمات وتأملات أكدّت على الالتزام الجماعي بالسلام والقيم المُشتركة للإنسانية.

شارك في اللقاء راعي أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في أستراليا ونيوزيلندا وكل أوقيانيا، سيادة المطران روبرت رباط؛ راعي أبرشية الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية في أستراليا ونيوزيلندا والفلبين، صاحب السيادة الميتروبوليت باسيليوس قدسية؛ مفتي أستراليا، الشيخ رياض الرفاعي؛ ممثل مفتي لبنان في أستراليا ،الشيخ مالك زيدان؛ ممثل مشيخة العقل الموحدين الدروز في لبنان، الشيخ منير الحكيم؛ الشيخ أحمد جندي، من الطائفة العلوية الإسلامية؛ وزير الظل للتعددية الثقافية، النائب مارك كوري، ممثلاً السيد مارك سبيكمان، زعيم المعارضة في نيو ساوث ويلز؛ النائبجيسون يات سين لي؛ الرئيس التنفيذي لهيئة التعددية الثقافية في نيو ساوث ويلز، السيد جوزيف لا بوستا، ممثلاً الوزير ستيفن كامبر، وزير التعددية الثقافية؛ سعادة قنصل لبنان في سيدني، السيدة سارة الديرانيوالسيد جعفر محيي الدين. كما حضر الاحتفال أيضاً رؤساء وأعضاء المجالس البلدية وممثلون عن الأحزاب السياسية اللبنانية ووسائل الإعلاموممثلون عن المؤسسات اللبنانية في أستراليا والجمعيات.

في كلمته الترحيبية، شدّد سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه على رسالة اللقاء الموحِّدة قائلاً، "عيدُ البِشارةِ مُناسبة سَنويّة في جالِيَتِنا الأُسترالِيّةِ اللُّبنانيّةِ لِنَلتقيَ ونكّرم امنا العذراء مريم والدة الاله ونُصلِّيَ مِن أَجلِ السَّلامِ . وما يُميِّزُ الاحتِفالَ هٰذِهِ السَّنةَ أَنَّنا نَعودُ بالذّاكرةِ إِلى سَنةِ 1975، إِلى مَحطّةٍ سوداءَ في تاريخِ لُبنان، الى أحداث أَلِيمةٍ مطبوعة في الذّاكرةِ الجَماعيّةِ والفردية عِندَ اللُّبنانيّين مُقيمينَ ومُنتشِرين، أَلَا وهيَ بِدايةُ الحَربِ اللُّبنانيّةِ أَو بِدايةُ حُروبِ الآخَرينَ على أَرضِ لُبنان."

وأضاف المطران طربيه أن مقولة "تِنذَكَر وما تِنعاد" التي غالباً ما تتردّد في هذه السنوية لا تكفي لِلنُّهوض وبِناء أُسس الوَطَن والوَطنيّة في قلوب اللبنانيّين، مشدّداً على أنه " آنَ الأَوانُ ليسَ فقط لِنَزعِ السِّلاحِ غَيرِ الشَّرعيّ وحصره بيد الدولة، وإنّما أَلمطلوب ايضاً نزعِ السِّلاحِ مِن العُقولِ والنُّفوسِ، سِلاحِ الأَحقادِ والانقِسامِ، سلاح الأنانيات والفساد، وسِلاحِ المَشاريعِ الإقليميّةِ الَّتي لا تُخدِمُ مَصلحةَ لُبنانَ واللُّبنانيّين.

لَقَد آنَ الأَوانُ، في هٰذِهِ الذِّكرى الأَليمةِ، والّتي عاشَها الكَثيرونَ مِنّا، أَن نَضَعَ مَشروعًا مشتركا لِتَنقِيَةِ الذّاكرةِ الوَطنيّةِ، يَكونُ مَدخَلًا لِمُصالَحَةٍ حَقيقيّةٍ بَينَ اللُّبنانيّين."

 

ورأى المطران طربيه أن "هٰذِهِ المُصالَحَةُ لَن تَتَحَقَّقَ إِلّا مِن خِلالِ رُؤيةٍ جَديدةٍ ، قائِمَةٍ على أَولويّةِ الانتماءِ لِلُبنانَ وَطنًا نِهائيًّا لِجَميعِ أَبنائِهِ وبناته، وَقَبولِ الآخَرِ المُختَلِفِ واحترامِهِ في مُعتَقَداتِهِ وحَياتِهِ، وليسَ مِن مُنطَلَقِ الهَيمنَةِ أَو العِداء، بَل مِن خِلالِ بِناءِ مُجتَمَعٍ متوازن، تَلتَقي فيه الأَديانُ وتتاعيش لِخَيرِ الإِنسانِ ورُقيّهِ. والمُصالَحَةُ تَعني أَيضًا أعتماد الحِيادِ الإيجابيّ الفاعِل، كَما طَرَحَهُ غِبطَةُ أَبينا البَطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كطريق لانقاذ وحدة لبنان ورسالته ، وكمشروع يحمي التعددية، وكضامنة لكي يبقى لبنان واحة سلام وكيان لقاء لجميع ابنائه مقيمين ومغتربين. "

 

وختم قائلاً إن " المُصالَحَةُ مَحطّةً لِتَكريمِ الشُّهَداءِ الَّذينَ قَدَّموا حَياتَهم لِيَبقى الوَطَن، كَما تَقتَضي القِيامَ بِمَسحٍ شامِلٍ لِضَحايا الحَربِ اللُّبنانيّةِ."

 

من جهته ألقى سماحة الشيخ رياض الرفاعي كلمة دعا فيها الحضور ليكونوا دعاة سلام "كما كان الأنبياء من قبل فقد قالها عيسى عليه الصلاة والسلام وقالها الأنبياء من قبله وقالها النبي محمد عليه الصلاة والسلام من بعده. "

وأضاف الشيخ رفاعي "في الذكرى الخمسين للحرب اللبنانية الأليمة، التي مرت على هذا الوطن الجريح، نقول: لقد دفعنا جميعًا ثمنًا باهظًا، وتحملنا من الآلام ما تنوء به الجبال، وخرج الجميع منها خاسرًا، بلا غالب ولا مغلوب.آن لنا أن نستخلص الدروس، وأن ندرك أن لا سبيل إلى العيش الكريم إلا عبر الجهاد الأكبر: جهاد بناء الوطن، ورأب الصدع، ولمّ الشمل، والتكاتف والتآلف، ونبذ الماضي بكل جراحاته، والانطلاق نحو مستقبل مشرق يجمع اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، يجمع اللبنانيين بكل توجهاتهم ، واتجاهاتهم،على قلبٍ واحد، من أجل وطنٍ يحيا بالعدل، ويزدهر بالمحبة."

أما صاحب السيادة المطران روبير رباط، فألقى كلمة دعا فيها أبناء المجتمع اللبناني—بمناسبة الاحتفال السنوي بعيد البشارة للعذراء مريم (25 آذار/مارس)، وبالتزامن مع الذكرى الخمسين لبداية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975—إلى تجاوز الماضي والمسامحة، وبدء مسيرة جديدة نحو المصالحة.

واستخدم المطران رباط ألوان العلم اللبناني—الأحمر والأبيض والأخضر—كرمز لأنواع الشهادة الثلاثة؛ فالأحمر يرمز إلى المفهوم التقليدي للتضحية بالدم، والأبيض يعبّر عن الشهادة من خلال النضال السلمي واللاعنف، أما الأخضر فيجسّد الشهادة من خلال التخلي عن كل شيء من أجل حياة جماعية قائمة على الدعم المتبادل والانسجام الأخوي.

كما كانت كلمة لعضو البرلمان ووزير الظل لشؤون التعددية الثقافية، السيد مارك كوري، الذي أكدّ فيها على أهمية الوحدة بين الأديان قائلاً" في وقت يواجه فيه العالم انقسامات عميقة وحالة من عدم اليقين، لم يكن لقوة الوحدة بين الأديان والاحترام المتبادل أهمية أكبر مما هي عليه الآن. إن التقاء الديانتين، المسيحية والإسلام، حول قيم السلام والإحسان والتواضع والعدالة، أمر يُحتذى به—وهي مبادئ يمكن أن توجهنا في بناء مجتمعات أقوى وأكثر تعاطفًا. من خلال الحوار والتفاهم، نؤكد أن ما يوحدنا هو أعظم بكثير مما يفرقنا."  

وأضاف كوري،"لقد قدمت الجاليات اللبنانية والشرق أوسطية مساهمات استثنائية في النسيج الثقافي والاجتماعي والمدني لنيو ساوث ويلز. ومن خلال تقاليدهم الغنية وروحهم الريادية والتزامهم الراسخ بالأسرة والإيمان، عززوا الأسس ذاتها لمجتمعنا متعدد الثقافات. توفر لقاءات الأديان فرصة للاحتفاء بهذا التنوع، وتعميق الروابط وتعزيز الالتزام المشترك بالسلام والمصالحة والوحدة."  

كما أشار الرئيس التنفيذي لوزارة التعددية الثقافية في نيو ساوث ويلز، السيد جوزيف لا بوستا، إلى أهمية الحوار بين الأديان قائلاً:"كأستراليين من ثقافات وتقاليد متنوعة – نتحمّل مسؤولية متساوية في بناء مستقبلنا المشترك. بغض النظر عن خلفياتنا الثقافية والإثنية، فنحن جميعًا مرتبطون – أولًا وقبل كل شيء – بالتزامنا المشترك تجاه أستراليا. لهذا السبب، يجب أن نواصل العمل معًا، لبناء جسور تلاقي عبر الاختلافات السياسية والدينية والثقافية، وفهم وجهات نظر بعضنا البعض. إن هذا الحوار أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى."

اختُتمت الأمسية بصلاة جماعية من أعضاء المجلس شارك فيها الحاضرون والقادة الروحيون، مؤكدين على عيد البشارة كمحطة فريدة في حياة الجالية اللبنانية الأسترالية تشجع على المصالحة واللقاء مع الاخر المختلف.

Wednesday, April 2, 2025

احتفال بالإيمان والمجتمع والخدمة في عشاء الرابطة المارونية في أستراليا 2025


المطران طربيه : نكرّم هذا المساء من زرعوا الرجاء في قلوب الكثيرين من خلال خدمتهم وعملهم التطوعي و مدعوون لاحترام قدسيّة الحياة 

بيان صحفي- سيدني، أستراليا –أقامت الرابطة المارنية في أستراليا عشاءها السنوي يوم الجمعة، 28 /آذار مارس 2025، بحضور عدد كبير من الفعاليات السياسية والإجتماعية وأبناء وبنات الأبرشية المارونية في أستراليا، كما حضر عدد من الكهنة والراهبات وممثلين عن وسائل الإعلام والأحزاب اللبنانية. 

أقيم الاحتفال برعاية صاحب السيادة المطران أنطوان-شربل طربيه، راعي الأبرشية المارونية في أستراليا ونيوزيلندا وأوقيانيا وحضر كل من رئيس حكومة ولاية نيو ساوث ويلز، السيد كريس مينز؛ زعيم المعارضة في نيو ساوث ويلز، مارك سبيكمان؛ وزير الفنون والشؤون متعددة الثقافات والشؤون الداخلية، توني بوركممثلاً رئيس الوزراء، أنطوني ألبانيزي؛ والنائب ديفيد كولمان ممثلاً زعيم المعارضة الفيدرالية، بيتر داتون، بالاضافة الى عدد كبير من النواب ورؤساء وأعضاء المجالس البلدية.

افتتح اللقاء سيادة المطران أنطوان-شربل طربيه بكلمة شدّد فيها على أهمية عيش قيم الفرح والرجاء والرحمة لا سيما خلال زمن الصوم الكبير، قائلاً "احتفالنا ليس انعكاساً لإيماننا وحسب، بل هو أيضاً شهادة على التزامنا المشترك بخدمة الآخرين من خلال الصلاة والصوم والأعمال الخيرية، التي تعزّز روابطنا وعيشالقداسة في حياتنا."

وأضاف، "يجسّد العديد من الأفراد في مجتمعنا الرجاء الذي ندعو إلى عيشه في سنة يوبيل الرجاء لنكون جميعاً حجاجاً للأمل، تماماً كما تعيش الرابطة المارونية هذه القيم في مبادراتها ومساهماتها."

وطالب المطران طربيه في كلمته باحترام قدسية الحياة ووقفالتعديات عليها في تشريع الاجهاض، داعياّ إلى وضع مشاريع قوانين جديدة التي هي اليوم أمام مجلس النواب في ولاية نيو ساوث ويلز.

كما كشف سيادة المطران طربيه عن إطلاق مبادرتين أساسيتين تركزان على خدمة المجتمع، "المبادرة الأولى هي مركز القديسة تيريزا، تحت إدارة وإشراف مؤسسة Maronite Care، والذي سيقدم خدمات الإرشاد والدعم والصلاة للنساء الحوامل اللواتيينتظرن طفلاً بشكل غير متوقع، بالإضافة إلى رعاية ما بعد الولادة." وأضاف طربيه،" أما المبادرة الثانية فهي حلم شخصي حملته على مدى السنوات العشر الماضية، ويتمثّلبإنشاء مركز إعادة تأهيل للمدمنين على المخدرات والكحول. ويسرني أن أعلن اليوم أن الأبرشية المارونية قد اشترت مركز إعادة تأهيل من مؤسسة Salvation Army في منطقة دورالونغ، نيو ساوث ويلز."

وختم سيادة المطران طربيه كلمته متوجهاً بالشكر لرئيس الرابطة المارونية في أستراليا وأعضائها، قائلاً، "في دوره كرئيس، كان السيد جون شديد استباقياً في خدمة المجتمع والتواصل معه، وللرابطة المارونية تاريخ طويل في تعزيز الوئام ودعم الدعوات الكهنوتية في أبرشيتنا، هذا بالاضافة الى قيام الرابطة بالعديد من المبادرات الإجتماعية والخيرية لدعم من هم بحاجة في أستراليا ولبنان على حد سواء." 

كلمات

في كلمته، سلّط رئيس حكومة نيو ساوث ويلز، كريس مينز، الضوء على المساهمات القيّمة التي قدمتها الجالية المارونية لأستراليا، موجهًا شكرًا خاصًا للمطران طربيه على توجيهاته وتعاونه في الشؤؤون والقضايا التي تتعلّق بالجالية والمجتمع. هذا وتطرّق مارك سبيكمان، زعيم المعارضة في نيو ساوث ويلز، إلى التاريخ الغني للجالية المارونية، التي وصل أبناؤها إلى أستراليا لأول مرة منذ 150 عامًا، مشددًا على إرثهم الدائم وتأثيرهم الثقافي.

كما تحدث الوزير الفيدرالي توني بيرك عن علاقته الطويلة بالجالية المارونية وزيارته للبنان، ووعد أنه في حال فوز حزب العمال في الانتخابات القادمة، سيتم تخصيص منحة بقيمة 5 ملايين دولار لبناء موقف السيارات والقاعة في مشروع رعية القديسة رفقا المارونية. وبالمثل، تعهد النائب ديفيد كولمان بمطابقة هذا المبلغ في حال فوز حزب الأحرار. 

من جهته تحدث رئيس الرابطة المارونية في أستراليا، السيد جون شديد، مؤكداً على دور الرابطة والتزامها تجاه الكنيسة والمجتمع، وقال،"هذا اللقاء هو شهادة على قوة مجتمعنا والتزامنا المشترك بالإيمان ووأعمال الرحمة والخدمة. تفتخر الرابطة المارونية بأن تكون جسر تواصل يربط تقاليدنا وقيمنا ومبادراتنا مع احتياجات مجتمعاتنا في أستراليا ولبنان".

وأضاف شديد، "يعود ريع الاحتفال لدعم عائلات شهداء الجيشين الأسترالي واللبناني، وأتقدم بشكري العميق لسيادة المطران أنطوان-شربل طربيه لإرشاده الروحي، وكذلك لأعضاء اللجنة الذين بذلوا جهوداً كبيرة لانجاز هذا الاحتفال المميز."

تكريم 

وكعادتها، كرّمت الرابطة المارونية أفراداً يجسدون الإيمان والخدمة والتطوع في المجتمع الماروني في أستراليا، حيث قُدمت ميداليات سنة يوبيل الرجاء الى عدد من أبناء وبنات الكنيسة المارونية، ومن بين المكرمين:

• الأب غسان-حنا نخّول وزوجته السيدة جوسلين نخّول، اللذان تم تكريمهما على قوتهما الاستثنائية وإيمانهما بعد خسارة ابنهما، وكذلك على إسهامات الأب غسان الاعلامية،

• داني وليلى عبد الله، اللذان ألهمت مسامحتهما ومبادراتهما كل الأستراليين من خلال مؤسسة "i4Give" 

• السيدة روث جعجع التي اختيرت كأفضل صيدلانية للعام 2024 كما تمّ تكريم الطبيبين ألبيرت منصور وشربل سندروسي لتميزهما برسالتهما الطبيّة.

• معلمين متميزين خدموا وعلّموا في المدارس المارونية في أستراليا لما يزيد عن 25 عاماً .

• أفراد في مجالات مهنية متعددة ومتطوعين في الرعايا، الذين يجسدون الالتزام بالإيمان والمجتمع من خلال عملهم التطوعي.

دعم الدعوات والخدمة المجتمعية

بالإضافة إلى جهودها الخيرية الحالية، أكدّت الرابطة المارونية في أستراليا التزامها بدعم الدعوات داخل الأبرشية المارونيةحيث ستسهم التبرعات التي تجمعها الرابطة في تغطية رسوم الجامعية للكهنة المستقبليين، مما يعزز رسالة الكنيسة للأجيال القادمة. كما تم أيضاً تقديم التبرعات إلى مؤسسة Legacyأستراليا وأسر شهداء الجيش اللبناني.

وتمتع الضيوف بعروض ممتعة قدمتها أنطونيا خليل وداميان حيفا وفرقة الدبكة، والتي أضافت روحاً احتفالية وحيوية إلى الأمسية.

للاستفسارات الإعلامية أو للحصول على مزيد من المعلومات، يرجى التواصل عبر البريد الإلكتروني: media@maronite.org.au